طيف من نور





طيف من نور


لقد غمر الضباب وجه المدينة..دثرها بوشاحه الرمادي...وضع يده المثقلة بالكآبة على نبضها...أسكن الحزن في كل الزوايا فأرْداها صريعة الألم....هنا كانت خطواتها تطأ عشب الحديقة ...مثقلة بالعزم...تصارع الصمت الرهيب الساكن وجدانها...وحدها تئن من الوجع...لا صدع ولا رجع صدى...صمت رهيب منتشرفي كل أرجاء جسدها المنهك....الْمُتعنِّت...الواقف صامدا أمام أعاصير هذا الضباب المحمل بالغموض...تُثْقل كاهله ....يترنح يمشي الْهويْنا  ......متخفيا بين أناملها الباردة ...رأته ...لمَحتْه طيفا...يُلملم أغراضها... يُبعثر نضارة وجهها ...يسْلبُ نبْضها....بعْضا من شكواها...كانت صامتة كالقمر ...تترقبه يحوم حولها...شفافا كقطرة ماء ...يتربص بها...كانت نظراته الثاقبة...تشع في حدْقتَيْها المُتعبتين...تأملت البيت ...تشبَّتتْ بالستارة  لِترْتَشِف آخر قطرة من ينابيع الحياة ...وومْضَة من نور تُمسك بأناملها الباردة ...تثقل أهدابها  ...لم يعد شيئا يبدو لها كما السابق ...تغيرت ملامح الحياة في الْحيِّز الذي تعْتمره أنفاسها ...رمَتْ خطواتها ...واحدة تلو الأخرى نحوالفضاء الشاسع...نحو السماء...والضباب ينزاح بِرقَّة من أمامها ...راسما لها مسلكا نورانيا أخاذا...تساقطت الأمطار بغزارة حول سريرها...بللت نعشها حرقة الرحيل...أما مذكرتها فبقيت وحدها تصارع كمَدَ الْيُتْم.....