على حافة السراب ///بقلم خديجة راشدي




على حافة السراب ///بقلم خديجة راشدي





يمشط شطآن العبث الرابضة على عتبة إرادته، يدنو همسا من رهافته مستلذا حزن الأقدار المستلقي على حظه الزاهد...هشة هي حياته تنهار نحو هدير الضجيج متكدرة...واجم يتوغل داخل جدرانه المصلوبة، يشرئب نحو التحدي... لعَـلَّـه يضبط آليات جموحه...فلحظات الانتظار هاته بساط صقيع تغتال الوقت ترمي به شظايا نحو الهباء.
يتمادى هذا الصراط المتدرج الشائك مشيدا انهيارا تاما في دواخله المرتبكة، يكاد يقتلع أسنانه من الغيظ،
، يتعمق في الأريكة الوثيرة...مرغما.
يشيخ الصبر عند حدود عقارب الساعة، يعتليه الهذيان فتبدو له الهاوية ملساء كهبة ريح ضغينة وظله يزحف نحو التخفي ...نحو غيِّه ...أين ظلي...أين ذاك الذي يهجرني لحظة تشرد الزمن، وارتفاع معزوفة الخيبة... بدونه تستوطنني الأصفاد ؟!.

شطحاته الفكرية تنزاح به نحو هُوَّة الماضي حيث يظن أنه اقتحم هذا العالم المتغطرس في ضحى ذات يوم شمسه حارقة، والكل يتصبب عرقا، فلِذلك حظه اللعين هجير يحرق أنامل إرادته عند كل قبضة أمل.

بعد كل الارتطامات التي اختلقها له هذا المكان بسخاء رفقة ملف شهاداته العليا.... المُطبق عليه ذراعه...
ها هو الباب قد فتح أخيرا. من مكتبها الأنيق تحدجه بنظرة صارمة، تومئ إليه بالتقدم نحو مكتب المدير، يحترق عطشا لحظتها، يبعثر جداوله التي تقمصت البهجة بنزيرِ ماءٍ، كي يطفئ ظمأ الحروف المحترقة على سواقي حنجرته الجافة 
  
ما كاد ينبس بكلمة حتى رن الهاتف اللعين، فأشار إليه المدير بالتراجع إلى حين...انطفأت قوامة أكتافه، عاد لمحراب الانتظار، اجتاحه الغثيان وهو يرتعش غضبا .... حطم بقايا صبره، وأطلق العنان للفتات المتدحرج من حنجرته، محتجا على هذا التخاذل، رفع صوته المبحوح، فخرج الكلام يجتر بقايا اللهيب متأججا عويله منذ فجره اللعين الذي انبثق دون ضياء هذا الصباح ...تنهشه الحيرة    
تتقاطر النَّظرات حوله، تحيط به، تقيم له مأتم شطط وحمق، وفي لحظة عتمة وجَد نفسه يغتسل من غفوته، فوقف على أعتاب الصمت، وبسحر ساحر أطفأ قيظ غضبه المشتعل.

 تقدم نحو المكتب مصطنعا الهدوء، يشير إليه المدير بحاجبيه، وضحكته كفحيح أفعى، جلس على الكرسي دون ريْب كطائر حط على صفيح ساخن!
بعدما أساخ السمع واستوعب ما قيل له بحدة... ماتت الأزمنة على خطوط يده، وتناثرت شظايا الأمل ..خرج مُتـلمظا الخيبة متوشحا الغيم الكئيب، باحثا عن ظله عن ملفه المثقل بسنوات اختزلت في صفحات من الورق المقوى وخط أنيق وحبر ممتاز...

كالأبله يلتفت يُمْنة ويسرة، يجوب الشوارع، يعانق المصابيح، يضرب جبهته بأعمدتها، تنهار قوته ..في لحظة رفع رأسه بتُؤْدة نحو الأعلى، ليرى مدى تأثيره عليها، ليجد ظله مستلقيا على غصن شجرة...مشرّدا في الخواء مثله يستجدي قطرة ضوء.... !